هذه الممارسة الإعلانية قد تضر مشروعك
top of page

هذه الممارسة الإعلانية قد تضر مشروعك

تاريخ التحديث: ٩ مايو، ٢٠٢٢

الكثير من المتاجر والشركات خاصة الناشئة تستخدم الصيغة الإعلانية لقنوات التلفزيون على صفحات Facebook، ما الذي يعيب تلك الصيغة الإعلانية؟ وكيف تؤثر سلبًا على مشروعك التجاري؟


هذه الممارسة الإعلانية قد تضر مشروعك
هذه الممارسة الإعلانية قد تضر مشروعك

لا يزال التسويق الشبكي والرقمي بشكل عام مجالًا جديدًا ومجهولًا في الكثير من نواحيه، حتى بالنسبة للعاملين فيه، ويرجع ذلك إلى سرعة تطور وسائل نشر الرسائل التسويقية الجديدة، فمع كل دقيقة تظهر خاصية جديدة أو أداة جديدة أو ميزة جديدة، أضف إلى ذلك أن العاملين في هذا المجال اليوم قد نشؤوا بالفعل على الإعلان التقليدي، لأجل هذا يعتبر فهم طبيعة الوسائل الجديدة وجمهورها بمثابة تحدٍ فعلي، في هذا المقال نناقش خطأ شائعًا يرتكبه الكثيرون دون قصد، إنه خطأ محاكاة الإعلانات التقليدية وخاصة إعلانات القنوات التلفزيونية على منصات التواصل الاجتماعي.

لتبدو الصورة أكثر وضوحًا دعنا نبدأ بهذا المثال الإعلاني: "اشتري المرتبة العجيبة وخد عليها مرتبة هدية، ومش بس كده هتاخد 2 مخدة هدية، كل دع بسعر ميتفوتش" إن كنت تظن أن هذا الإعلان لا يعرض إلا على شاشات التلفزيون بالفعل فأنت مخطئ، الكثير من المتاجر والشركات خاصة الناشئة تستخدم هذه الصيغة الإعلانية على صفحات Facebook مثلًا، وعلى الأغلب أنك استأت من هذا الإعلان او أثار سخريتك، ولكن دعنا نجيب على هذا السؤال وهو موضوع المقال: ما الذي يعيب هذا الإعلان؟

أولا: إن هذا الإعلان قد كتب وأعد خصيصًا ليكون إعلانًا تلفزيونيًا، وهو بذلك معتمد على الصورة بأكثر من الصوت، وعلى الرغم من رداءة النص المقدم واستخدامه لأسلوب البيع المباشر والذي يتجاهل وعي العميل بل ويضلله أحيانا – برغم من ذلك يستطيع هذا الإعلان تحقق مبيعات من خلال الصورة فقط التي تعمل على تشتيت انتباه المشاهد عن النص المقروء، ومن ثم لا بتبقى من عناصر الإعلان غير صورة المنتج والسعر، ولأن العرض على التلفزيون لا يسمح بتثبيت الإعلان أو إعادته فإن المشاهد لا يستطيع مراجعة الرسالة أو إعادة سماعها لتبين مساوئها أو زيفها أحيانًا، إنه يسير مع الإعلان في رحلته القصيرة ذات الاتجاه الواحد لغاية واحدة هي البيع فقط،.

ثانيا: هذا النوع يتم بثه على وسيلة اتصال جماهيرية تخاطب الوعي الجمعي، والمعروف أن هذا الوعي يساوي وعي أقل أفراد الجماعة، مما يستلزم مخاطبة المجموع وفق أقلهم وعيًا، وهنا يركز الإعلان على قيمة واحدة هي السعر المنخفض أو السعر المفاجأة أو الحصري أو أيًا كان ما يسميه الإعلان، إنه يضع السعر مقابل الجودة، يعرض سلعة واحدة مع مجموعة كبيرة من الهدايا بسعر غير تقليدي، إنه يركز على السعر لأن هذه القيمة موجودة لدى الجميع، بجانب كونها تحمل قيمة أكبر لدى العملاء الأقل وعيًا، لأنه كلما ارتفع وعي العميل كلما تأثر بقيم اكثر وبالتالي تغير ترتيب القيم لديه، قد تأتي الجودة قبل السعر مثلًا، أو توفير الوقت ثم الجودة ثم السعر وهكذا.

ثالثا: تُستخدم تلك الإعلانات لترويج منتجات استهلاكية واقتصادية، وتناسب السواد الأعظم من الجمهور كأواني الطهي وأدوات التنظيف والمراتب والوسائد والأغطية، لكنها لا تستخدم مع أدوات التجميل مثلًا، من الصعب أن تجد علامة تجارية شهيرة مثل MAC تقدم منتجات التجميل الخاصة بها على هذا النحو، وبالتالي فهي غير مناسبة لقائمة طويلة من الخدمات سوف نذكرها لاحقًا.

رابعا: لا تعتمد تلك الإعلانات على الابتكار أو إلهام العميل، وإنما تعتمد على عامل التكرار للرسوخ في الذاكرة، وهي ممارسة سيئة وتقليدية، وربما كانت فعالة قبل ظهور التسويق الرقمي، إن نجاح الإعلان هنا يعتمد على تكرار عرضه، وما يدفع العميل للشراء هنا ليس الاقتناع بالقيمة وإنما التلقين بضرورة الشراء، وشتان بين الاثنين.

والآن دعنا نسأل سؤالًا؟ لماذا لا تناسب هذه الصيغة الإعلانية وسائل التواصل الاجتماعي؟ الجواب هو اختلاف طبيعة هذه الوسائل والشبكات عن طبيعة قنوات الاتصال التقليدية كالراديو والتلفزيون، إن المتلقي على هذه الوسائل يملك إرادة حرة وقدرة على الاختيار، بل ويملك أيضًا القدرة على وقف ظهور إعلانك أو التبليغ عنه باعتباره إعلانًا سيئًا أو مبتزًا أو به صور أو كلمات غير لائقة.

ومن جهة أخرى، تضع منصات التواصل الاجتماعي راحة المشترك فوق كل اعتبار، إنها تحاكي اختياراته بحيث لا تظهر له إلا ما هو مشابه لتفضيلاته، وهي تقوم بتحجيم أصحاب الأعمال لصالح المشتركين، هدف هذه المنصات هو إبقاء المشتركين عليها لساعات أطول ولهذا تبحث عن القيمة الأهم بالنسبة لهم، وتستطيع خوارزميات هذه المنصات تمييز المحتوى الرديء عن الجيد، حتى وإن كنت تدعم محتواك بالمال فالمحتوى السيء سيتم استبعاده على طول الخط، إذن عامل النجاح هنا هو القيمة سواء كان المحتوى المقدم مدفوعًا أم لا، لن يتابعك شخص دون أن تقدم له قيمة حقيقية مقابل متابعته.

والقيمة على شبكات التواصل الاجتماعي ليست المال فقط، جمهور وسائل التواصل الاجتماعي أكثر تنوعًا ووعيًا، والسبب في كونهم اكثر وعيًا هو غياب الرسالة الجماهيرية وغياب الوعي الجمعي، إن كل مشترك يستقبل الرسالة بشكل شخصي، وبالتالي فإنه فهمه لها وتقييمه لمضمونها يتأثر بمدى وعيه هو كفرد، ولهذا تنخفض قيمة السعر على سلم القيم هنا وتسبقها قيم أخرى أهمها الجودة.

أضف إلى ذلك أن ما تنشره على وسائل التواصل الاجتماعي لديه القدرة على البقء، وبالتالي يستطيع المتلقي إعادة الرسالة وسماعها ومشاهدتها من جديد، او أن يعيد قراءتها، ومن هنا تنكشف جوانب ضعف الرسالة وقصورها، إن قدمت نصًا رديئًا فسيتمكن المتلقي من تمييز ذلك.

وأخيرًا: لا يستطيع مشاهد التلفزيون التحري عنك مقابل القدرة الفائقة على ذلك على منصات التواصل الاجتماعي، عندما تصل رسالة إعلانية لمشترك وتثير اهتمامه فإن أول رد فعل متوقع هو زيارة صفحة المعلن والاطلاع عليها لهدفين: المزيد من المعلومات، وتقييم صاحب الإعلان ومدى مصداقيته، وهنا مكمن الخطر.

وبالرغم من كل ما سبق دعني أؤكد لك أن الكثير والكثير جدًا من أصحاب المتاجر والشركات يسقطون في فخ محاكاة هذه الصبغ الإعلانية، قد يعتقد هؤلاء أن هذه الصيغ هي سر نجاح الشركات الكبيرة والتي تروج لمنتجاتها على شاشات التلفزيون جراء الفكرة القديمة حول ارتفاع كلفة إعلانات التلفزيون، وقد يرجع ذلك للتنشئة كما ذكرنا في مقدمة المقال، أو قد يرجع لنقص الخبر أو يرجع إلى النوايا الحسنة المتمثلة في مخاطبة الجمهور بلغة بسيطة يتمكن من فهمها أو لهجة ودودة.

ولكن محاكاة هذه الصيغ الإعلانية قد تضر مشروعك وبشدة أيضًا، ولذلك العديد من الأسباب:

أولًا: هذه الإعلانات قد تضر بصورتك الذهنية، فإن كانت المنتجات التي تم الترويج لها بهذه الطريقة على شاشات التلفزيون منتجات رديئة الجودة أو كانت تقدم وعودًا غير صادقة، فإن استخدامك لذات الصيغة سيؤدي إلى استحضار تلك الصورة الذهنية السيئة لدى العميل، وسيسقط العميل تلك الصورة على منتجك ايضًا، وبالتالي سيشعر العميل أو يعتقد بالفعل أن سلعتك رديئة أو أن وعودك كاذبة.

ثانيًا: إن كانت سلعتك أو خدمتك بحاجة لمهنية عالية واحترافية وجودة لتقديمها فإن هذا النوع من الإعلانات حتما لن يناسب جمهورك، لأن القيمة هنا هي الجودة وليس السعر، وعندما تستخدم تلك الصيغة الاعلانية محاولًا ابهار العميل وتشجيعه لشراء خدمتك او منتجك مقابل سعر مغري فإن أول انطباع سيكونه العميل عنك هو أنك تحاول تعويض نقص خبرتك أو جودة منتجك بهذا السعر، سيظن أنك تنصب له فخًا وبالتالي سيحجم عنك تمامًا، وربما يحدث ما هو أسوأ من ذلك: تعليق جارح على إعلانك يهز سمعتك مثلًا..

ثالثًا: استخدام هذه الصيغة عند كتابة المحتوى الغير مدفوع Organic Content خو خطأ فادح، إذا أردت أن تعلن بشكل صريح استخدم إعلانًا مدفوعًا لا يظهر على صفحتك، وادعم صفحتك بالمشاركات التي تزيد احترام وتقدير العميل وثقته بك، لن يثق العميل بشركة لا تستطيع أن تكتب شيئًا عن منتجها أو خدمتها، ولا تقدم عروضًا حقيقية بنظره، استخدام هذا المحتوى كمحتوى غير مدفوع ينتقص من قيمتك وقد يؤدي إلى فقدك للكثير من المتابعين أو التبليغ عنك أو إخفاء منشوراتك، إن أردت تقديم محتوى إعلاني غير مدفوع استخدم أسلوب البيع غير المباشر وقدم قيمة حقيقية واثر جمهورك.

رابعا: تقدم هذه الإعلانات وعودًا براقة دون ضمان، لم يكن من السهل أن تتضرر الشركات من جراء رد الفعل على وسائل الإعلام التقليدية قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، اليوم الأمر مختلف: إعلان سيء، تعليقات سيئة، مراجعات تكشف قصورك، مشاركات ضدك، إعادة نشر لتلك المشاركات، تبليغات ضدك والنتيجة سمعة سيئة وتجارة كاسدة، لأجل هذا فإن محاكاتك لتلك الصيغ بما فيها من نبرات صوت خاصة للتفخيم والابهار وما يعادلها من تكرار الحروف واستخدام الرموز والابتسامات بشكل مبالغ فيه يعد تصرفًا غير مهني وغير آمن كذلك.

نصيحة: إن كنت ترغب بكتابة محتوى إعلاني سواء كان مدفوعًا أو مجانيًا فعليك أن: تعرف جمهورك، أن تحدد لغتك بناء على صوت العلامة التجارية الخاصة بك وشخصية منتجك Brand Voice، وعليك أن تفهم منتجك، وأن تركز على صفة واحدة فيه، وعلى رغبة أو حاجة واحدة لدى العميل، ولا تنسى تطوير صيغك الاعلانية بشكل دوري.

نسمة السيد ممدوح

٣١ مشاهدة٠ تعليق
bottom of page